الوطن وقحطان.. اختطاف متزامن

img

الوطن وقحطان.. اختطاف متزامن

تزامن التغييب القسري الذي فرضته الميليشيا السلالية الطائفية على اليمن بجوهره الاعتباري والموضوعي وبقالبه التنظيمي (الدولة ومؤسساتها) مع تغييب الرائد والعنوان الأبرز لتلك الحالة الوطنية التي مثلت رمزًا لكل تلك المفاهيم العظيمة للوطن؛ حيث يكون الكل مواطنين يتمتعون بكامل حقوقهم الإنسانية السياسية منها والفكرية مهما كانوا مختلفين.


محمد قحطان رجل الحوار والتشاور والتفاوض والسلام، والذي تتزامن ذكرى اختطافه السابعة من قبل مليشيا الحوثية مع دعوة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي لمؤتمر للتشاور يجمع اليمنيين جميعًا تحت سقف تفاوضي واحد؛ لإنهاء الحرب وإنهاء نزيف الدم ومعاناة الشعب اليمني التي تسبب بها الحوثيون، مختطفو الدولة والمدنية والسلام والتعايش، الذين فجروا الصراع بانقلابهم على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وعلى مؤسسات الدولة، وصادروا مقوماتها ودمروا أسسها ومضامينها وأشكالها وقوالبها.


لقد غيب المختطفون الحوثيون، القائد السياسي الكبير محمد قحطان لتغيب معه فرص التعايش والحوار والسلام؛ فمنذ الخامس من شهر أبريل 2015م غيّب الإرهاب الحوثي قحطان كرمز للدولة والمدنية والحوار، وأخفاه قسريًا حتى اللحظة، دون الإدلاء بأي معلومات عن حياته وظروف سجنه، في سابقة تاريخية لا مثيل لها في تاريخ الصراعات المحلية بل والعالمية، رغم مناشدات أهله المتكررة بأن يسمح لهم بزيارته أو على الأقل معرفة أحواله في معتقل الإرهابيين.


وفي ظروف الاستعدادات الجارية من قبل مجلس التعاون الخليجي ودعوته للقادة اليمنيين وللنخب السياسية والمجتمعية والقيادات المؤثرة في اليمن إلى جلسات تشاورية لإيقاف الحرب وتوحيد الصفوف يظل مقعد الأستاذ قحطان شاغرًا كأفضل قيادي يملأ فراغ التصالح والتسامح والاصطفاف بروحه المحبة للجميع وبقدراته القيادية الفريدة في استيعاب كل متطلبات التوافق والاصطفاف.


لم تكتف ميليشيا الحوثي بالجريمة الإرهابية النكراء المتمثلة باختطافه، بل تعدت الاختطاف إلى التغييب القسري، وتجاوزت بذلك بدهيات التعامل الأخلاقي والقيمي الذي يتميز به المجتمع اليمني وداست على المواثيق الدولية وحقوق الإنسان التي أقرتها المعاهدات، فمنعت أهله عن الاطمئنان عليه أو زيارته، بل إنها تعدت ذلك إلى رفض الإدلاء بأي معلومات عن حالته ومكان اختطافه، فلا أخلاق، ولا قيم، ولا أعراف، ولا قانون ولا حقوق إنسان، ولا دين ولا مسلك إنساني لهذه الميليشيا.


تقع المسؤولية الجنائية الجسيمة في عرف القوانين المحلية والدولية المترتبة على عملية الاختطاف على عاتق ميليشيا الحوثي وقادة العصابة الإرهابية وهم المسؤولون عن حياته وسلامته، وهم من يرفضون حتى اللحظة الإدلاء بالمعلومات عن حالته ومصيره ومكان احتجازه.


على ميليشيا الحوثي أن تطلق قحطان فورًا دون قيد أو شرط، وتتحمل قياداتها مسؤولية ما لحق بقحطان من أضرار بسبب الاختطاف والتغييب القسري، كما أن على الحكومة مسؤولية العمل على إطلاق سراحه كأولوية قصوى نظرًا للتغييب القسري الذي يتعرض له، ونظرًا لما يمثله من رمزية وطنية تتجاوز الحزب والفصيل السياسي إلى الزعامة الوطنية الجامعة، وإن أي إهمال أو استثناء للرمز الوطني الكبير الأستاذ محمد قحطان في أي صفقات تبادل أو إطلاق مختطفين سيمثل استهدافًا واضحًا لتيار وطني عريض يمثله قحطان، كما سيكون استهدافًا للقيم الوطنية النبيلة التي ظل قحطان أبرز المناضلين في سبيلها.


ومما يثير الاستغراب حقيقةً هو الجهود التي يبذلها مبعوثو المجتمع الدولي ووسطاء دوليون منذ سنوات في زحزحة هذا الملف، ولكنهم يتجاهلون لأسباب غير مفهومة وبالقطع هي أسباب لا إنسانية إن وجدت، يتجاهلون الوضع الإنساني للقيادي محمد قحطان رغم المناشدات الإنسانية، ولم يطلب أي منهم زيارة الأستاذ محمد قحطان في مكان احتجازه كنوع من الواجب الإنساني الذي يجب أن يقدمه أولئك المسؤولون عن الملف الإنساني في اليمن، وهو أمر مستهجن وغير مقبول، إضافة لما يقومون به من اعتبار المختطفين المدنيين الذي تختطفهم الميليشيا الحوثية من المنازل والطرقات أسرى حرب ويتم مبادلتهم بمقاتلين حوثيين تم أسرهم في الجبهات؛ فتلك سابقة لم تحصل في تاريخ الحروب والنزاعات.


سيظل قحطان رمزًا جمهوريًا شامخًا لا تغيبه السجون، ولا تخفيه جدران الظلام السلالي الكهنوتي المنتفش، سيكسر قحطان قيد الإمامة الهش بإيمانه الراسخ بالله تعالى وبمبادئه التي ناضل في سبيلها، وكان أحد أعمدة المبادئ السبتمبرية التي ترعب بقايا الإمامة. سيظل  قحطان روحًا للوطن عصيًا على الغياب.

#الحريه_لقحطان

الصحوة نت - المحرر السياسي